القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
فوائد من شرح منار السبيل الجزء الأول
19844 مشاهدة
[باب المسح على الخفين]

27\30 ذكر الشارح مقدمة لـ باب المسح على الخفين، ذكر فيها بعض الأدلة لثبوت المسح.
فقال شيخنا أثابه الله تعالى- هذه مقدمة ذكرها المصنف ليقرر شرعية المسح، وإن كان بعضهم قد ذهب إلى إنكار المسح: كالشيعة الرافضة، وهم أنفسهم يجوزون مسح القدم في الوضوء، ولا يجوزون مسح الخفين. ومن الذين أنكروا أيضا الخوارج؛ لأنهم لا يعملون بالسنة، وإنما يكتفون بالقرآن، وأنكر المسح أيضا بعض المعتزلة؛ ولهذه الأسباب ذهب بعض أهل العلم إلى ذكر المسح في باب العقائد، كالطحاوي رحمه الله تعالى.

* * * 28\30 قال في الشرح: [حديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح على الجوربين والنعلين ].
قال الشيخ -أثابه الله- هذا الحديث لم يصححه إلا الترمذي وضعفه أكثر العلماء، وخطئوا الراوي لأنه تفرد بالجوربين عن جميع الرواة، فكلهم ذكر مسح الخفين.
* * * 29\31 قال الشيخ -أثابه الله- الإمام مالك -رحمه الله تعالى- روي عنه إنكار المسح على الخفين ولكن الرواية الثابتة عنه أنه تشدد في المسح ولم يجزه إلا بشروط.
* * * 30\30 مسألة: لبس الخفين بعد كمال الطهارة.
قال فيها الشيخ -أثابه الله- فيها خلاف: منهم من يقول: لا بد أن يغسل اليسرى قبل لبس اليمنى. والقائلون بهذا هم أشهر العلماء: كصاحب المتن - مرعي بن يوسف الحنبلي - وأكثر علماء الحنابلة، ودليلهم حديث المغيرة فإني أدخلتهما طاهرتين .
والقول الثاني واختاره ابن تيمية وهو جواز لبس اليمنى قبل غسل اليسرى، وهذا جائز وله وجه، وإن كان الأحوط هو القول الأول. وقد بحث هذه المسألة بعض العلماء: كالشوكاني في نيل الأوطار.
* * * قال الشيخ -أثابه الله- المسافر رخصه أربع: الإفطار في السفر، والجمع، والقصر فيه، وزيادة المسح.
* * * 32\31 ذكر -أثابه الله تعالى- طرفة عند الكلام على مسح المسافر سفر معصية، فقال: إن بعض أهل العلم أخبره أنهم كانوا في طريقهم إلى الحج، فقابلهم قطاع طرق، فسلبوهم أموالهم ومتاعهم، ثم أقام قطاع الطرق الصلاة، فقال لهم أهل العلم: كيف تسلبونا أموالنا ومتاعنا ثم تصلون؟ فردوا عليهم: أتريدوننا أن نجمع بين معصيتين: السرقة، وترك الصلاة؟
* * * 33\31 قال الشيخ -أثابه الله- الأصل في الفعل -فعل الرسول صلى الله عليه وسلم- أن يكون للاقتداء، لا سيما إذا كان في العبادة، أما إذا كان للعادة فيكون للاستحباب.